الاقتصادي- علاء كنعان- منذ اندلاع الحرب على غزة في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تعاني الضفة الغربية من ركود اقتصادي مستمر لأسباب متعددة ومختلفة، تُرجمت في تراجع حاد للقدرة الشرائية في الضفة الغربية مما ساهم في ارتفاع معدلات البطالة، بالإضافة إلى انهيار المنظومة الاقتصادية في قطاع غزة.
وتُظهر البيانات أن الناتج المحلي الإجمالي في فلسطين انكمش بنسبة 28% خلال عام 2024، مع تراجع بلغ 82% في قطاع غزة و19% في الضفة الغربية.
تفسير استمرارية الركود الاقتصادي تعود إلى الحرب الإسرائيلية التي تشن على الضفة الغربية وقطاع غزة، وتمثلت في زيادة الحواجز الإسرائيلية وارتفاع تكاليف النقل بعد الحرب واستمرار الحصار المالي والاقتصادي للضفة الغربية، إلى جانب عوامل أخرى.
وتأثرت الأسواق الكبرى في المدن الفلسطينية بشكل ملحوظ، حيث شهدت المحلات التجارية تراجعا في الإقبال، لا سيما خلال المناسبات التي كانت تشهد نشاطا مكثفا في السابق، مما يعكس انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين نتيجة للأزمة الاقتصادية المستمرة.
وفي ظل هذه الظروف، يتردد المستثمرون في إطلاق مشاريع جديدة بسبب حالة الركود الاقتصادي والقيود المفروضة على الحركة بين المدن بالإضافة إلى عدم اليقين بشأن الأوضاع الأمنية والسياسية المستقبلية، واستمرار "إسرائيل" في حربها المالية ضد السلطة الفلسطينية من خلال قرصنة إيرادات الضرائب الفلسطينية (المقاصة)، مما أثر على قدرتها على تقديم الخدمات الأساسية ودفع رواتب الموظفين.
كما أن تراجع الإيرادات المحلية بسبب انخفاض النشاط الاقتصادي ودورة الأعمال، يزيد من تعقيد المشهد الاقتصادي، الأمر الذي يجعل أصحاب المحلات يدركون حجم الخطر الناتج عن ضعف الحركة الشرائية.
ومن جانب آخر، لا يمكن لأي مستثمر أن يفتح مشروعا جديدا في ظل الوضع الحالي، لإدراكه بأن الفترة الحالية ركود اقتصادي وبالتالي يؤدي إلى تراكم الركود فوق الركود، وكما أن قيود حركة التنقل بين المدن، واحتمالية عودة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والانتظار لمعرفة ما سيحدث بعد انتهاء مراحل الصفقة وتبادل الأسرى، تجعل المستثمرين مترددين في اتخاذ قرارات اقتصادية جديدة.
ومن هنا، فإن الاقتصاد الفلسطيني هو اقتصاد متغير يتأثر بالصدمات بشكل كبير، إلا أن قدرته على التعافي تعتمد بشكل أساسي على الاستقرار السياسي ورفع القيود المفروضة على الحركة والتنقل، وبالتالي فإن انتهاء الحرب الإسرائيلية تعني عودة العمال الفلسطينيين إلى أعمالهم داخل الخط الأخضر، مما يسهم في انتعاش الاقتصاد الفلسطيني، وهناك مؤشرات وصلت إلى بعض العمال في الضفة الغربية بأن عودتهم إلى عملهم باتت قريبة إلا أن ذلك لم يحدث بعد، لأن الجميع ينتظر انتهاء الحرب والعودة إلى العمل، ومع ذلك، يبقى السؤال: هل تعود العجلة للدوران، أم أن الركود سيستمر في خنق الاقتصاد الفلسطيني لفترة أطول؟
انتهاء الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة والضفة الغربية وعودة العمال إلى الداخل الفلسطيني، تعني تعزيز القدرة الشرائية وانتعاش الأسواق المحلية، لا سيما مع اقتراب المناسبات الدينية مثل شهر رمضان وعيد الفطر.