كيلو الخروف تجاوز 120 شيكل.. ضعف الرقابة وغياب الدعم يلهبان أسعار اللحوم
الاقتصادي- لؤي وزوز- يشهد سوق اللحوم في فلسطين موجة غلاء حادّة، بالتزامن مع اقتراب عيد الأضحى، حيث ارتفع سعر كيلو لحم الخروف في مدينة رام الله إلى ما بين 110 و130شيكل، ما دفع العديد من المواطنين للعزوف عن شرائه أو اللجوء إلى اللحوم المستوردة والمجمدة كبدائل أقل تكلفة، في حين تقول وزارة الزراعة إن كميّات اللحوم كافية للاحتياج ، مشيرة إلى أنه سيتم استيراد 19.1 ألف رأس من الخراف إلى جانب الكميّات الموجودة في السوق.
ويُعد لحم الخروف مكوناً رئيساً في الأطباق الفلسطينية التقليدية، وخاصة في المناسبات الاجتماعية والدينية، الأمر الذي فاقم من وقع هذا الارتفاع على الأسر الفلسطينية.
مواطنون: طمع وغياب الرقابة
يقول المواطن فضل التميمي من قرية دير نظام شمال رام الله، إن الأسعار "في العلالي"، وأرجع السبب إلى ما وصفه بالطمع وانعدام الرقابة الرسمية على الأسواق، مطالباً بإعلان قائمة أسعار واضحة تحدد الحدّين الأدنى والأقصى لكل سلعة، وتساءل عن أسباب تفاوت الأسعار من ملحمة لأخرى.
ويتفق معه المواطن محمد عزّام من رام الله، الذي أشار إلى أن الأوضاع الاقتصادية المتردية، وتوقف عدد كبير من العمال عن العمل داخل الخط الأخضر، جعلت تأمين الحاجات الأساسية عبئاً ثقيلاً على الكثير من العائلات.
وأضاف: "سعر كيلو اللحمة وصل 115 شيكل، وبعض الناس لا تستطيع حتى شراء الدجاج، فكيف ستعيش؟"
أصحاب ملاحم وتجار: هذه أسباب الارتفاع
من جانبه، يوضح صاحب ملحمة في رام الله، جهاد أبو عيد، لموقع الاقتصادي، أن ارتفاع أسعار اللحوم مرتبط بزيادة تكاليف الاستيراد، وبتراجع أعداد المواشي المحلية بسبب عزوف المزارعين عن تربيتها، نتيجة لاعتداءات المستوطنين المتكررة ومصادرة الأغنام في بعض المناطق.
وأشار إلى أن سعر لحم الخروف الطازج لديه يبلغ حالياً 110 شيكل، مقابل 70-75 شيكل قبل أشهر، بينما يبلغ سعر لحم العجل 60 شيكل.
ويفسر تفاوت الأسعار بين الملاحم باختلاف هوامش الربح، مضيفاً: "نبيع قريب من سعر التكلفة، لا يمكننا رفع السعر أكثر لأنّ أوضاع المواطنين صعبة".
وطالب أبو عيد الحكومة بتوفير دعم مباشر للمزارعين وتخفيض الضرائب على اللحوم المستوردة، والتي تصل حاليًا إلى 18%.
بدوره، يرى مهدي علان، وهو من أقدم بائعي اللحوم في رام الله، أن السوق يعاني من غياب الرقابة وضعف الدعم للمزارعين، ما سمح لبعض المستوردين ببيع اللحوم المستوردة بأسعار تقارب أسعار اللحوم البلدية، ما ألغى أي أثر للمنافسة العادلة.
وقال إنه لم يشهد سابقاً وصول سعر كيلو لحم الخروف إلى 120 شيكل: "هذه سابقة خطيرة وكارثة"، مشيراً في الوقت نفسه إلى الارتفاع المفاجئ في أسعار الدجاج من 11 إلى 17 شيكل.
أما يوسف حوشية، أحد العاملين في بيع اللحوم المستوردة والمجمّدة، فيقول إن أسعار اللحوم الطازجة ارتفعت بفعل الظروف السياسية والاعتداءات على مربي الأغنام، بينما ارتفعت أسعار اللحوم المجمدة نتيجة لتحديد كميات الاستيراد.
وأوضح أن سعر كيلو لحم الخروف المجمد يتراوح بين 50 و55 شيكل، ولحم العجل المجمد بين 32 و40 شيكل، مقابل أسعار تصل إلى 140 شيكل للحوم الطازجة في بعض الملاحم.
من جانبه، يوضح المزارع ومربي المواشي يعقوب السعد من بلدة بيرزيت برام الله، أن الثروة الحيوانية في فلسطين "تتراجع بشكل مقلق"، مشيراً إلى ارتفاع حاد في أسعار الأعلاف وصل إلى 300 شيكل للطن خلال شهر واحد فقط، إضافة إلى ازدياد في الطلب المحلي.
ويرى السعد أن الاعتداءات المتكررة على البدو ومربي الأغنام، ومحاولات تهجيرهم، أثرت بشكل مباشر على وفرة اللحوم والأسعار.
وطالب المزارع الحكومة الفلسطينية بدعم قطاع الثروة الحيوانية وتوفير الحوافز للمربين، قائلًا إن استيراد اللحوم لم يقدّم حلًا حقيقيًا، بل بات ينافس اللحوم البلدية ويُهدد سُبل عيش المزارعين.
وزارة الزراعة: الأعداد كافية
بدوره يقول الوكيل المساعد للقطاع الاقتصادي في وزارة الزراعة طارق أبو لبن للاقتصادي إنّ للقضية أبعاد كثيرة، داخلية وخارجية، وهناك ارتفاع كبير بالتكاليف سواء بالإنتاج المحلي أو المستورد، مشيرًا إلى أنّ معظم العجول يتم استيرادها بواقع 130 ألف عجل سنويا، مشكلة أكثر من 85% من الاستهلاك، مقابل 12% يتم إنتاجها في المزارع الفلسطينية، وأما للحوم الخراف فنسبة المستورد من الخارج وداخل الخط الأخضر لا تصل إلى 15% من الاحتياج، في حين تورد المزارع الفلسطينية أكثر من 85%من الاحتياج من لحوم الخراف، مضيفًا "هناك استيراد بواقع 12 ألف طن من اللحوم المجمدة سنويا، وهي كميات ليست قليلة مقارنة بحجم الطلب على العجول بحسب القوائم الملحقة ببروتوكول باريس الاقتصادي"، موضحًا "هناك 5 آلاف منها تورد للمحافظات الشمالية (الضفة الغربية)، و5 آلاف إلى الى الجنوبية (قطاع غزة)، ولكن تغير ذلك بعد الحرب مع الحفاظ على ضرورة التوريد إن أمكن، إذ لم تسمح إسرائيل باستيراد هذه الكميات".
ويؤكد أبو لبن في حديثه لموقع الاقتصادي "بحسب الأرقام المتوفرة فإن لدينا كمية كافية من اللحوم من المزارع المحلية للتوريد للسوق حسب الطلب، والكميات لم تقل كما يشاع"، مضيفًا "نزيد من الاستيراد كعامل مساند في الأوقات التي يزيد فيها الطلب كرمضان وعيد الأضحى"، ذاكرًا أنه سيتم استيراد 19 ألف و100رأس من الخراف، إلى جانب الكمية الموجودة المقدرة بـ 121 ألف من الخراف، و44 ألفاً من السخول، وما يقارب 18 ألف رأس من العجول.
ويرى أبو لين أن "الأعداد كافية، بل إن كميات الخراف والسخول تزيد عن الحاجة"، ويقول في الوقت ذاته "أتحدث عن وفرة الكميات ولا ترتبط بالضرورة بالأسعار المرتبطة بارتفاع التكاليف وأبعاد كثيرة أخرى، منها دولية، إذ أصبحت بعض الدول تنافسنا على الاستيراد من أوروبا وهي المصدر الوحيد، ما أدى إلى زيادة الطلب ومحدودة الإنتاج في أوروبا، فضاعف ذلك أسعار الحوم التي نستوردها".
واعتبر أن الاستيطان الرعوي واحد من أخطر التهديدات التي تلحق بالمزارعين وثرواتهم الحيوانية، مشيرًا إلى سرقة المستوطنين العديد من رؤوس الأغنام في الآونة الأخيرة، مضيفًا "هذا لا يقل خطورة عن عدم السماح للمزارعين بالوصول إلى مناطق الرعي؛ ما زاد من كلفة الإنتاج والتحول إلى استخدام أكثر من الأعلاف التي ارتفعت أسعارها دوليا بعد الأحداث بين روسيا وأوكرانيا".
وعن دور وزارة الزراعة يوضح أنها تقدم أدوارا مرتبطة بالإرشاد باستخدام أفضل الطرق للحفاظ على الثورة الحيوانية وزيادة إنتاجيتها والربح، وتقديم خدمات صحية مرتبطة بالتطعيمات واللقاحات البيطرية مجانا أو بأسعار رمزية، وتوفير الأعلاف للمزارعين، موضحا "قدمت الوزارة أكثر من ٢٠ ألف طن من الأعلاف الجاهزة للاستخدام استفاد منها جميع مربي الثروة الحيوانية"، مشيرًا إلى أن الوزارة تحاول أن يكون لديها القدرة الدائمة للدعم من الموازنة أو المشاريع المخصصة للقطاع الزراعي ككل رغم الضائقة المالية التي تمر بها السلطة الفلسطينية، مؤكدا "هذا يصب في تثبيت المواطنين في أراضيهم".