وراء الكواليس: أين تذهب أموال مبادرة "شيكل القدس"؟
AHC: 0.80(%)   AIB: 1.13(1.74%)   AIG: 0.19(%)   AMLAK: 5.00(%)   APC: 6.89(%)   APIC: 1.82(0.55%)   AQARIYA: 0.75(%)   ARAB: 0.95(%)   ARKAAN: 1.72(7.50%)   AZIZA: 3.00(%)   BJP: 2.76(%)   BOP: 1.67(3.73%)   BPC: 3.75(2.60%)   GMC: 0.71(%)   GUI: 1.71(1.79%)   ISBK: 1.29(1.57%)   ISH: 1.04(%)   JCC: 1.64(0.00%)   JPH: 3.85( %)   JREI: 0.15( %)   LADAEN: 2.50( %)   MIC: 2.47( %)   NAPCO: 1.03( %)   NCI: 1.75(%)   NIC: 2.60(%)   NSC: 3.03(%)   OOREDOO: 0.74(1.37%)   PADICO: 1.55(4.03%)   PALAQAR: 0.42(%)   PALTEL: 4.30(0.70%)   PEC: 2.84(%)   PIBC: 1.08(%)   PICO: 3.50(%)   PID: 2.00(%)   PIIC: 1.98(%)   PRICO: 0.28(%)   PSE: 3.00(%)   QUDS: 1.23(2.50%)   RSR: 4.50(%)   SAFABANK: 0.57(3.39%)   SANAD: 2.20(%)   TIC: 2.75(%)   TNB: 1.40(0.00%)   TPIC: 2.18(%)   TRUST: 2.44(%)   UCI: 0.38(0.00%)   VOIC: 7.00(4.48%)   WASSEL: 1.00(0.00%)  
11:58 صباحاً 05 أيار 2025

وراء الكواليس: أين تذهب أموال مبادرة "شيكل القدس"؟

 كشف تقرير صحفي كواليس "مبادرة شيكل القدس" التي فُرضت بقرار بقانون عام 2023، وأثارت جدلاً واسعاً حول مشروعيتها الدستورية وشفافية إدارتها المالية.

ويستند التقرير الذي أعده الباحث إبراهيم طمليه لصالح الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة -أمان، إلى آراء خبراء قانونيين وتوثيق لتجارب سابقة مشابهة، ليطرح تساؤلات جوهرية حول الحوكمة والمساءلة العامة في مبادرات التمويل الشعبي.

****

الاقتصادي- إبراهيم طُمليه- منذ الإعلان عن "مبادرة شيكل القدس" بقرار بقانون رقم (1) لعام 2023، التي تلزم مشتركي خدمات الهاتف الثابت والمحمول بالمساهمة الشهرية بقيمة شيكل لكل مشترك لصالح مشاريع تنموية في القدس، تصاعدت التساؤلات حول الأسس القانونية لهذا القرار بقانون، ومدى اتساقه مع المبادئ الدستورية، خاصة في ظل غياب نقاش عام حوله قبل التطبيق. كما أُثيرت تساؤلات جوهرية حول طبيعة الأموال المحصلة: ما هي تفاصيل الإيرادات؟ ولماذا لم يتم تحويل هذه المبلغ وفق الجدول الزمني المعلن؟ ومن هي المؤسسات الرقابية المشرفة على ضمان شفافية التحصيلات؟

في سياق التنفيذ، يبرز السؤال الأهم: هل بدأ فعلياً توظيف الأموال في مشاريع لدعم القدس؟ وإن لم يكن ذلك قد حدث، فما هي أسباب التأخير؟ وما هو الإطار الزمني المعتمد لتنفيذ المشاريع المخطط لها؟ الأهم من ذلك، ما هي المعايير التي تم اعتمادها لتحديد أولويات المشاريع، لضمان تلبية الاحتياجات الفعلية للمجتمع المقدسي وتحقيق الأهداف المعلنة للمبادرة؟

أما على صعيد الحوكمة، فإن الشفافية والمساءلة تعد العامل الحاسم في ضمان مصداقية هذه المبادرة. فكيف تضمن المؤسسات المسؤولة أن إدارة الأموال المحصلة تتم وفقاً لمعايير الحوكمة الرشيدة؟ وهل هناك لجنة إشراف متخصصة لضبط آليات التحصيل والصرف والتنفيذ؟ وما مدى إشراك المجتمع المدني والجهات الرقابية المستقلة لضمان تدقيق العمليات المالية ورصد أي انحراف عن الأهداف المعلنة؟

من المهم أن نأخذ في الاعتبار السياق التاريخي لمحاولات جمع التبرعات السابقة عند تقييم مبادرة "شيكل القدس"، إذ أن تجارب سابقة، مثل حملة جمع التبرعات لمستشفى خالد الحسن التي جمعت أكثر من 40 مليون دولار، لم تسلم من انتقادات تتعلق بغياب الشفافية في إدارة الأموال المجمعة وعدم وضوح أوجه صرفها. هذه التجارب تركت أثراً واضحاً على ثقة الجمهور، مما يجعل المساءلة في مبادرة "شيكل القدس" ضرورة حتمية لضمان اتخاذ تدابير واضحة لضمان إدارة أكثر شفافية وفاعلية للأموال المجمعة؟ كما أن هذا التقرير يهدف بشكل خاص إلى تفنيد الشائعات والتقارير الصحفية التي تفتقر إلى معلومات دقيقة، وتقديم صورة واضحة ومدعمة بالحقائق حول مبادرة "شيكل القدس".

غياب الضرورة الملحة

يضع القانون الأساسي، في مادته 43، ثلاثة شروط أساسية لإصدار القرارات بقانون، وهي: غياب المجلس التشريعي، ووجود حالة طارئة تستدعي التدخل الفوري، ووجوب عرض القرار على المجلس التشريعي في أول جلسة له. إلا أن حالة القدس ليست مستجدة أو طارئة، بل هي وضع سياسي واقتصادي قائم منذ سنوات، ما يثير التساؤل حول مبرر الاستعجال في فرض هذه الرسوم. في هذا السياق، يؤكد المستشار القانوني أ. فريد الأطرش أن "الوضع في القدس ليس طارئاً أو مستجداً، وكان الأجدر بالحكومة أن تضع ميزانية خاصة لدعم المدينة ضمن الموازنة العامة، بدلاً من اللجوء إلى فرض رسوم جديدة على المواطنين".

كما يؤكد الأطرش أن" القانون الأساسي الفلسطيني، وتحديداً المادة 88، ينص صراحة على أن فرض الرسوم والضرائب يجب أن يتم عبر قانون، أي من خلال المجلس التشريعي صاحب الاختصاص الأصيل في التشريع، وليس عبر قرارات بقانون. لكن مع تعطيل المجلس التشريعي، أصبحت القرارات بقانون هي القاعدة وليس الاستثناء، وهو ما أدى إلى فوضى تشريعية"

نظرة قانونية 

ولفهم أعمق للجدل الدائر حول مبادرة "شيكل القدس" تثار تساؤلات حول مدى شرعية الخصم من فواتير المواطنين من خلال قرار بقانون، وليس عبر تشريع صادر عن المجلس التشريعي الفلسطيني. فبينما تؤكد الجهات الرسمية أن الإجراء قانوني وضروري لدعم القدس، يرى خبراء القانون أن هذه الخطوة تتجاوز الأطر الدستورية.

 حيث أكد الخبير القانوني د. عصام عابدين "أن هناك إشكالية قانونية جوهرية في آلية فرض رسوم "شيكل القدس"، حيث تم استحداث هذه الجباية استناداً إلى قرار بقانون وليس عبر تشريع وهو ما يفتح باب الجدل الدستوري واسعاً".

وأوضح عابدين أن الفرق بين "القانون" و"القرار بقانون" في النظام القانوني الفلسطيني ليس مجرد مسألة شكلية، بل هو تحديد دستوري لصلاحيات كل من السلطتين التشريعية والتنفيذية." فالقانون، بطبيعته، هو نتاج عملية تشريعية متكاملة تصدر عن المجلس التشريعي، بينما القرار بقانون هو أداة استثنائية تُمنح للرئيس فقط في حالات الضرورة التي لا تحتمل التأخير"

وتابع عابدين "عندما يتعلّق الأمر بفرض الضرائب أو الرسوم على المواطنين، فإن الدستور الفلسطيني واضح في هذا الشأن؛ لا يجوز فرض أي التزام مالي جديد دون المرور عبر قناة تشريعية أصيلة. بمعنى آخر، فإن القضايا التي يتطلب الدستور معالجتها من خلال قانون لا يمكن بأي حال من الأحوال تنظيمها بقرار بقانون، لأن ذلك يُعد تعدياً صارخاً على اختصاص السلطة التشريعية."

وأشار عابدين إلى أن إشكالية "شيكل القدس" لا تقتصر فقط على عدم دستورية آلية فرضه، بل تمتد إلى انتهاك مبدأ سيدة القانون، وهو ما يمثل انتهاكاً دستورياً مزدوجاً للمادتين (6) و(88) من القانون الأساسي الفلسطيني.

وتشير المادة (6) من القانون الأساسي أن مبدأ سيادة القانون هو أساس الحكم في فلسطين، والحكومة مُلزمة قانونياً بالإفصاح عن كل إيراد ضريبي وأوجه إنفاقه. " فإن الواقع يقول شيئاً آخر؛ فلا أحد يعلم بالضبط كيف تم إدارة تحصيل هذه الأموال، ولا يوحد جهة رقابية مستقلة أو خاصة أو مجتمع مدني أشرفت على التحصيل أو التحويلات بين الجهات الشريكة، ولا توجد أي تقارير رسمية دورية ومفصلة حول مالية المبادرة، في ظل غياب المجلس التشريعي الذي يُفترض أن يقوم بدور الرقابة والمساءلة"، بحسب عابدين.

كم بلغت إيرادات المبادرة؟

في خضم التوقعات الإعلامية التي رافقت الإعلان عن مبادرة "شيكل القدس"، برزت تقديرات رجّحت أن تصل إيرادات المبادرة إلى 60 مليون شيكل، مستندةً إلى بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني التي تُشير إلى وجود حوالي 4.4  مليون مشترك في خدمات الهاتف الثابت والنقال في الأراضي الفلسطينية.

غير أن البيانات الفعلية التي وصلت لمعد التقرير عبر مصادر مطلعة تكشف عن فجوة ملحوظة بين التقديرات الأولية والتحصيل الفعلي، ما يثير تساؤلات جوهرية حول دقة الافتراضات التي بُنيت عليها التقارير الناقدة للمبادرة.

فقد بلغ إجمالي عدد خطوط الفاتورة للهاتف النقال التي تم اقتطاع الشيكل منها عند بدء المبادرة نحو 711 ألف خط فاتورة موزعة بين شركتي "جوال" و"أوريدو"، لكن هذا الرقم شهد انخفاضاً تدريجياً ليصل إلى 462 ألف خط فاتورة مع انتهاء فترة تطبيق المبادرة. كما انخفضت أعداد مشتركي الدفع المسبق المشمولين بالخصم من 96 ألف مشترك في بداية المبادرة إلى 70 ألف مشترك فقط عند نهايتها، ويرجع ذلك إلى اقتصار التطبيق على من يقومون بشحن رصيدهم بمبلغ يتجاوز 20 شيكلاً شهرياً. أما الهاتف الثابت، فقد تراجعت الخطوط المشمولة بالمبادرة من 351 ألف خط إلى 190 ألف خط هاتف فقط.

هذا الانخفاض المستمر في عدد المشتركين الذين تم اقتطاع المساهمة منهم، انعكس بدوره على المبالغ المحصّلة، حيث بلغت إجمالي إيرادات الخصومات حسب شركات الاتصالات حوالي 8.5 مليون شيكل، إلا أن المبلغ الذي تم تحويله فعلياً إلى صندوق أمانات القدس لم يتجاوز 7.9 مليون شيكل حتى تاريخ إعداد التقرير.

يتضح أن هناك عوامل عدة ساهمت في هذا التراجع بين المبلغ المقدر جبايته والمبلغ الفعلي، أبرزها اختلاف أعداد وتوزيع الشرائح المشمولة بالخصم عن التوقعات الأولية، حيث أن عدد مشتركي الفواتير كان أقل بكثير من مشتركي الدفع المسبق، وهو ما أضعف القاعدة المالية للمبادرة. إضافةً إلى قرار إعفاء قطاع غزة بالكامل من الاقتطاع، إلى جانب تأجيل تطبيق الخصم على الدفع المسبق والذي بدأ في أكتوبر 2023 بسبب اضطرار شركات الاتصالات الى عمل تعديلات فنية وتقنية على شرائح الدفع المسبق.

تتضارب البيانات حول إجمالي المبالغ المحصلة، فرغم إعلان وزارة المالية أن المبلغ المحول إلى صندوق أمانات القدس بلغ 7.9 مليون شيكل، فقد وصل المبلغ المحصل من شركات الاتصالات نحو 8.5 مليون شيكل، أما عدد الشرائح والخطوط السابق ذكرها فيجب أن تكون حصيلتها 9.1 مليون شيكل.  ما يطرح تساؤلات حول أسباب الفارق خاصة في ظل غياب تقارير دورية تكشف حجم الإيرادات وتفاصيل تدفقها.

وبالرغم من مرور أكثر من عام على بدء تطبيق القرار، لم تُحدد آلية واضحة لتحصيل أموال المبادرة، ومن هي المؤسسات المنفذة والمؤسسات الرقابية، وقد تم اقتطاع الأموال دون أي التزام بنشر تقارير دورية أو بيانات تفصيلية للمواطنين (الداعم الماسي للمبادرة) أو المؤسسات الموكلة بالرقابة والمسائلة ومكافحة الفساد أو تحديد جدول زمني دقيق لتنفيذ المبادرة، ما عزز المخاوف لدى المواطنين بشأن مدى الالتزام بمعايير التدقيق المالي، والشفافية والمساءلة، وضمان عدم التلاعب بالأموال المجمعة.

وأشار عابدين إلى أن "عدم وجود رقابة تشريعية فعلية يجعل من فرض أي رسوم جديدة، أو إدارة الأموال المتحصلة منها، مسألة تتم خارج إطار المحاسبة البرلمانية والقانونية. ويضيف "نحن أمام نموذج من الغموض المالي، حيث يتم اقتطاع الأموال دون أي التزام بنشر تقارير دورية أو بيانات تفصيلية، ما يؤدي إلى تهشم ثقة المواطنين بالمؤسسات الرسمية".

ولضمان تحقيق الأهداف المعلنة لهذه المبادرة، من الضروري تفعيل دور ديوان الرقابة المالية والإدارية بشكل فعّال في مراقبة آلية جمع الأموال وصرفها. فدور الديوان لا يقتصر على التأكد من كفاءة العمليات المالية فقط، بل يمتد أيضاً إلى ضمان تطبيق المبادئ الأساسية للنزاهة والشفافية في كل مراحل التنفيذ. كما أن تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني في هذه العملية يسهم في تعزيز الرقابة الشعبية، ويضمن مشاركة فعّالة من كافة الأطراف المعنية، مما يزيد من مصداقية المبادرة ويزيد من ثقة المواطنين بأهمية تكرار التجربة.

 وعود تنمية التعليم في القدس

في سياق البحث في آلية تخصيص وإنفاق الأموال التي تم جمعها ضمن مبادرة "شيكل القدس"، تحدثنا إلى محمد عريقات، مدير ديوان وزير شؤون القدس، الذي أوضح أن "مجلس الوزراء قرر تخصيص المبلغ ضمن موازنة وزارة شؤون القدس، إلا أن المبلغ لم يصل بعد إلى حساب الوزارة الرسمي".

"دعت وزارة شؤون القدس المؤسسات المقدسية الرسمية الشريكة، وممثلي القطاعات التنموية المختلفة، كالتعليم والصحة إلى اجتماع موسع، لبحث أفضل السبل لاستخدام المبلغ المجموع، وتم التوافق على أن يكون المشروع المنفذ واضحاً وظاهراً وله أثر مستدام بدلاً من تشتيت المبلغ على مشاريع صغيرة"، بحسب عريقات.

وعن سبب اختيار قطاع التعليم كأولوية للاستفادة من المبادرة، أوضح عريقات: "تم الاتفاق على استهداف قطاع التعليم نظراً للهجمات الشرسة التي يتعرض لها من قبل سلطات الاحتلال. تم التنسيق مع وزارتي التربية والتعليم والمالية، وتم الاتفاق على تخصيص الأموال لشراء مدرسة قائمة في القدس بدلاً من إنشاء مشروع جديد من الصفر، لضمان سرعة التنفيذ".

أما بخصوص تكاليف مشروع شراء المدرسة، فقد أوضح عريقات أن "المدرسة المستهدفة تقع داخل مدينة القدس وهي حالياً مُستأجرة، وتبلغ تكلفة شرائها 1,350,000 دولار. تتضمن الصفقة الأرض والمبنى، كما يسعى مالك الأرض للحصول على رخصة إضافية لتوسيع المدرسة. جميع الإجراءات تتم بالتنسيق مع وزارتي المالية والتربية والتعليم، وقد وصلت مراحلها الأخيرة في وزارة المالية".

وفيما يتعلق بضمان النزاهة والشفافية، أكد عريقات أن "جميع الإجراءات تتم بالتنسيق الكامل مع الجهات المختصة، حيث سيتم تسجيل العقار كوقف إسلامي لصالح المسجد الأقصى، نظراً لعدم قدرة السلطة الفلسطينية على امتلاك العقارات في القدس". وأوضح أنه "فيما يخص نشر التقارير المالية، فإن الوزارة تتعامل مع هذا الملف بحذر شديد، حفاظاً على استدامة المشروع ولتفادي سياسات الاحتلال وضغوطه".

إلا أنه لم يتم توضيح ما إذا كان سيوجد لجنة رقابية مستقلة لمتابعة تنفيذ المشروع وضمان عدم وجود تضارب مصالح، بالإضافة ضرورة تقديم تقارير دورية للجهات الرقابية لضمان الشفافية والمساءلة، خصوصاً في ظل اختيار مشروع تكلفته أقل من إيرادات المبادرة وسيكون هناك مبلغ متبقي يستلزم الخضوع لآلية صرف واضحة ومحددة.

 وبالتالي لم تقدّم الوزارة التزاماً واضحاً بإصدار بيانات دورية مفصلة، لكنها أشارت إلى أن "المؤسسات المقدسية الشريكة والمجتمع المدني سيتم دعوتهم لاجتماع لاحق بعد إتمام عملية الشراء، لبحث آلية استغلال أي مبالغ متبقية من الحملة".

وفي سياق تحديد الأولويات التنموية في القدس، شدد على أن "المؤسسات المقدسية المحلية تلعب دوراً رئيسياً في تحديد الاحتياجات، حيث يتم الاجتماع دورياً مع ممثلي القطاعات التنموية المختلفة مثل التعليم، الصحة، الإسكان، الثقافة، والسياحة. بناءً على هذه الاجتماعات، يتم توجيه التمويل نحو المشاريع ذات الأولوية التي تخدم المدينة".

وعن مستقبل هذه التجربة، قال عريقات: "نأمل أن تكون هذه الحملة بداية لمبادرات مشابهة، فنجاحها سيشجع المواطنين على المساهمة مستقبلاً. كما نعمل على تقديم توصية لفخامة الرئيس لاستصدار مرسوم جديد يسمح باستمرار هذه المساهمات، بالإضافة إلى تعميم التجربة على الدول العربية والإسلامية لدعم القدس ومؤسساتها التنموية".

ووفقاً للخبير الاستراتيجي د. هيثم دراغمة "فإن أي مبادرة لدعم صمود المقدسيين تعدّ خطوة إيجابية، لكنها بحاجة إلى تخطيط متكامل مع المؤسسات الأهلية لضمان أثرها الحقيقي وملامستها الاحتياجات الأكثر أولوية. ورغم الإعلان عن تخصيص نحو ثمانية ملايين شيكل، إلا أن هذا المبلغ لا يُعد كافياً أمام التحديات التي تواجه المدينة، من تهويد واستيطان وتضييق اقتصادي ممنهج"

ويؤكد د. دراغمة أن "غياب التخطيط المدروس يجعل المشاريع عرضة للفشل، خاصة في ظل العراقيل التي يفرضها الاحتلال، ما يستدعي جهوداً دبلوماسية موازية لحماية أي استثمار تنموي داخل القدس. وعليه، فإن نجاح مثل هذه المبادرات لا يعتمد فقط على جمع الأموال، بل يتطلب رؤية واضحة وآليات شفافة في التوزيع والتنفيذ، لضمان أن تصل المساعدات إلى مستحقيها فعلياً وتعزز صمود المقدسيين ".

 

Loading...