الاقتصادي- افتتح الرئيس محمود عباس، أمس الأربعاء، المركز الاستشاري للسرطان في ضاحية الريحان شمال مدينة رام الله، في خطوة وُصفت بالـ"نوعية" في مجال تعزيز القطاع الصحي الفلسطيني، خصوصا بعد تعثر مشروع مشفى خالد الحسن الذي جمعت تبرعات لإنشائه ليكون متخصصا في علاج أمراض السرطان.
وأكد الرئيس عباس، في كلمته خلال حفل الافتتاح، أهمية هذا الإنجاز في "محاربة أبشع أنواع الأمراض"، واعتبره خطوة شجاعة تعكس التقدم في توطين الخدمات الطبية داخل الوطن.
وأعرب عن ارتياحه لانخفاض نسب التحويلات الطبية إلى الخارج، مضيفًا: "نستطيع أن نفعل ذلك، فلا تنقصنا الخبرة ولا العقل ولا الأدوات".
ويأتي افتتاح هذا المركز في ظل معاناة مستمرة لنحو 20 ألف مريض سرطان في فلسطين، مع تسجيل حوالي 5300 إصابة جديدة سنويًا، تُشكل 40% من مجمل التحويلات الطبية إلى خارج البلاد، ما يُثقل كاهل وزارة الصحة ماليًا.
شراكات
أشار رئيس مجلس إدارة المركز، الدكتور سالم أبو خيزران، أشار إلى أن المشروع يمثل "إضافة نوعية" للقطاع الصحي، ونتاج شراكة متينة بين القطاعين العام والخاص، بمساهمة فاعلة من مجموعة العربي، مراكز رزان للإخصاب، صندوق الاستثمار الفلسطيني، صندوق التقاعد الفلسطيني، ومجموعة بيرزيت للأدوية، إلى جانب عدد من المستثمرين المحليين.
وأوضح أبو خيزران أن الهدف من إنشاء المركز هو "توطين الخدمة الطبية" ووقف نزيف التمويل الناتج عن التحويلات الخارجية، مشيرًا إلى أن المركز يقدم رعاية شاملة لمرضى السرطان تشمل التشخيص والعلاج بكل أشكاله، بما في ذلك الإشعاعي والنووي، لأول مرة في فلسطين.
قدرات متقدمة
يتسع المركز في مرحلته الأولى لـ170 سريرًا، ويشمل أقسامًا للعلاج الإشعاعي والكيميائي والبيولوجي والهرموني، إضافة إلى وحدة زراعة نخاع العظم، وعلاج الأطفال، والعلاج التلطيفي، إلى جانب طابق للعيادات الخارجية والطوارئ الخاصة بالأورام، وطابق مخصص للبحث العلمي والتعليم.
ووفق أبو خيزران، سيعالج المركز في مرحلته الأولى 1500 مريض سنويًا بالعلاج الإشعاعي، ترتفع إلى 3 آلاف لاحقًا، كما سيوفر العلاج النووي لنحو 3 آلاف مريض سنويًا، إلى جانب خدمات حفظ الخصوبة للمرضى الراغبين.
تعاون إقليمي ودولي
ضمن استراتيجيته التطويرية، وقّع المركز اتفاقية تعاون مع مركز الحسين للسرطان في الأردن، إلى جانب شراكة مع جمعية إيطالية لإنشاء أول وحدة لزراعة النخاع في فلسطين، من المقرر تشغيلها خلال الأشهر المقبلة، حيث ستوفر الجمعية كوادر طبية مقيمة لمدة ثلاث سنوات، لتدريب وتأهيل الطواقم الفلسطينية.
مشروع بديل لمشفى خالد الحسن؟
افتتاح المركز الاستشاري يعيد إلى الواجهة تساؤلات الرأي العام الفلسطيني حول مصير مشروع مشفى خالد الحسن للسرطان، الذي أُعلن عنه قبل سنوات وتم جمع تبرعات له بعشرات الملايين من الدولارات، لكنه لم يُنفذ حتى اليوم، وسط تساؤلات عما إذا كان المركز الجديد يشكل البديل الواقعي للمشروع المجمد، في ظل اتهامات بغياب الشفافية حول مصير الأموال التي تم جمعها حينها.
استثمار بـ80 مليون دولار
بلغت تكلفة المركز أكثر من 80 مليون دولار، وتم تمويله عبر شراكات وطنية، وهو ما اعتبره القائمون عليه نموذجًا تنمويًا يحتذى، يهدف إلى تعزيز السيادة الصحية وتقليل الاعتماد على الاحتلال ومؤسساته الطبية.
ويُتوقع أن يُسهم المركز، إلى جانب تحسين رعاية مرضى السرطان، في توفير فرص عمل وتدريب للكوادر الطبية الفلسطينية، والحد من الحاجة للعلاج في الخارج، ما ينعكس على تقوية المنظومة الصحية الوطنية ورفع كفاءتها.