الاقتصادي - يبحث الاتحاد الأوروبي في إلغاء اتفاقية شراكته التجارية مع إسرائيل، فيما جمدت بريطانيا محادثات التجارة الحرة معها، ما يجعل مبادلات تجارية إجمالية بأكثر من 60 مليار دولار في مرمى الخطر، فضلاً عن تضرر العلاقات مع حلفاء استراتيجيين ومزودين للسلاح.
ويعد الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لإسرائيل، مستحوذاً على نحو 32% من إجمالي صادرات إسرائيل في عام 2024. وتشير البيانات الإسرائيلية إلى أن المبادلات التجارية بلغت نحو 42.6 مليار يورو (48.1 مليار دولار)، حيث بلغت واردات الاتحاد الأوروبي من إسرائيل 15.9 مليار يورو، مقارنة بصادرات أوروبية إلى إسرائيل بلغت 26.7 مليار يورو، فيما بلغت المبادلات بين إسرائيل وبريطانيا نحو 9 مليارات جنيه إسترليني (حوالي 12 مليار دولار).
وألقى التصعيد الأوروبي بظلال سلبية على العملة الإسرائيلية الشيكل، لتهبط خلال تعاملات، أمس الأربعاء، بنسبة 1% أمام الدولار، وذلك على الرغم من خسارة العملة الأميركية بالأساس نحو 0.5% من قيمتها أمام سلة من العملات الرئيسية عالمياً، كما تراجع الشيكل بنسبة 1.4% أمام العملة الأوروبية الموحدة اليورو.
وأعلنت مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، مساء الثلاثاء، أن الاتحاد الأوروبي سيطلق مراجعة لاتفاق الشراكة مع إسرائيل على ضوء المستجدات الأخيرة في قطاع غزة.
وحظي اقتراح إعادة النظر في اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، الذي قدمه وزير الخارجية الهولندي، كاسبار والديكامب، في وقت سابق من مايو/أيار الجاري بدعم 17 من وزراء خارجية دول الاتحاد الـ 27. وهذا يعني أن المفوضية الأوروبية ستطلق تحقيقاً لتحديد ما إذا كانت إسرائيل قد انتهكت التزامها بحماية حقوق الإنسان بموجب المادة الثانية من الاتفاق، وهو أحد الأحجار الأساسية للاتفاق.
وأكد وزير الخارجية الهولندي في رسالته إلى الاتحاد الأوروبي، أن منع المساعدات الإنسانية يشكل انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي، وبالتالي ينتهك أيضاً المادة الثانية من اتفاقية الشراكة التي تشكل الأساس للعلاقات السياسية والتجارية بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل. وتنص المادة الثانية على أن العلاقات بين الطرفين "يجب أن تقوم على احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية، التي تشكل مبادئ توجيهية للسياسات المحلية والدولية للأطراف وعنصراً أساسياً في الاتفاق".
وتشكل اتفاقية الشراكة، التي دخلت حيز التنفيذ في يونيو/حزيران 2000، الأساس للعلاقات السياسية والاقتصادية بين دول الاتحاد وإسرائيل. وإعادة النظر فيها، حال حدوثه، يشكل "تهديداً كبيراً" لإسرائيل، وفق تقرير لصحيفة "كالكاليست" الاقتصادية الإسرائيلية، لكن الصحيفة قللت من إمكانية حدوث ذلك، موضحة أنه "لا يمكن إدخال تغييرات على الاتفاقية، بناء على تقدير دولة واحدة أو مجموعة صغيرة من الدول، بل يتطلب ذلك الموافقة الكاملة من جانب جميع الدول الأعضاء السبع والعشرين في الاتحاد".
وأشارت إلى أنه "في الوقت الحاضر، فإن الحكومات التي لا تزال تتبنى آراء مؤيدة لإسرائيل هي ألمانيا، وجمهورية التشيك، وبلجيكا، وكرواتيا، وليتوانيا، وبالطبع المجر، التي ربما تكون الداعم الأكثر صراحة". وصادق البرلمان المجري، الثلاثاء، على انسحاب البلاد من المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. ويواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مذكرة اعتقال صادرة عن المحكمة، على خلفية اتهامات بارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة.
وكانت فكرة إعادة النظر في الاتفاق طرحتها أيرلندا وإسبانيا لأول مرة في رسالة أرسلتاها إلى مفوضة الاتحاد الأوروبي، أورسولا فون ديرلاين، قبل 15 شهراً، ولم تتلقيا أي رد حتى الآن. ورغم أن الرسالة لم تحظ بدعم دول الاتحاد الأوروبي الأخرى في ذلك الوقت، فإن المزاج يتغير الآن نحو الأسوأ ويشكل تهديداً خطيراً لإسرائيل، لا سيما مع اتساع دائرة نبذ دولة الاحتلال.