إسرائيل واصلت سياسة الخصم من أموال المقاصة، لتشمل استقطاعات اعتيادية وأخرى استثنائية، تُستخدم فيها الإيرادات كأداة ضغط مالي وسياسي
الاقتصادي- لم تحصل السلطة الفلسطينية خلال الربع الأول من عام 2025 إلا على 1.43 مليار شيكل فقط من أصل 2.68 مليار شيكل من أموال المقاصة، بعد سلسلة من الاقتطاعات الإسرائيلية التي فاقت نصف إجمالي الإيرادات، في وقت تواجه فيه المالية العامة الفلسطينية أزمة خانقة تهدد قدرتها على الوفاء بالتزاماتها.
وأظهر مسح موقع الاقتصادي استنادا على بيانات وزارة المالية، أن إسرائيل واصلت سياسة الخصم من أموال المقاصة، لتشمل استقطاعات اعتيادية وأخرى استثنائية، تُستخدم فيها الإيرادات كأداة ضغط مالي وسياسي.
وفق بروتوكول باريس الاقتصادي يسمح لإسرائيل بجباية الضرائب على السلع المستوردة للضفة الغربية وقطاع غزة، مقابل عمولة إدارية لا تتجاوز 3%، مسجلا 64.8 مليون شيكل في الربع الأول.
وخلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، خصمت إسرائيل نحو 89.1 مليون شيكل بدل ديون كهرباء، و100 مليون شيكل مقابل ديون على المياه، إلى جانب 41 مليون شيكل لخدمات الصرف الصحي، ومثلها للمستشفيات الإسرائيلية التي تتعامل مع مرضى فلسطينيين.
إلا أن الخصم الأبرز تم خلال شهر كانون الثاني/يناير، حيث اقتطعت إسرائيل مبلغا استثنائيا بلغ 1.81 مليار شيكل دفعة واحدة.
وتوزع هذا المبلغ بين مليار و57 مليون شيكل زُعم أنها ديون متراكمة على شركة كهرباء القدس، و761.8 مليون شيكل لصالح شركتي المحروقات الإسرائيليتين "باز" و"دور".
ولم تتوقف الخصومات عند هذا الحد، إذ استمرت إسرائيل في احتجاز مبلغ 52.6 مليون شيكل شهريا بدل مخصصات الأسرى، إضافة إلى 275 مليون شيكل مخصصة لقطاع غزة خلال الربع الأول، وهي اقتطاعات تُدرجها إسرائيل ضمن ما تسميه "التحويلات غير المشروعة"، رغم تعارض ذلك مع الاتفاقات المالية الموقعة.
وتشكل أموال المقاصة نحو 65% من إجمالي الإيرادات العامة للسلطة الفلسطينية، ما يجعل أي استقطاع فيها ذا أثر مباشر وفوري على قدرة الحكومة على دفع رواتب موظفيها وتمويل الخدمات الأساسية. وفي ظل هذا العجز المستمر، تواصل السلطة منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2021 صرف رواتب منقوصة للموظفين في القطاعين المدني والعسكري.
وفق بيانات رسمية حصل عليها الاقتصادي، فإن إجمالي أموال المقاصة المحتجزة منذ عام 2019 وحتى نهاية الربع الأول من 2025، يبلغ نحو 2 مليار دولار، ما يضع السلطة أمام أزمة مالية متراكمة يصعب تجاوزها في ظل غياب الحلول السياسية والاقتصادية.
وفي وقت يتعثر فيه الاقتصاد الفلسطيني بسبب الاحتلال وتراجع الدعم الدولي، فإن استمرار إسرائيل في خصم أكثر من نصف إيرادات المقاصة يهدد الاستقرار الاقتصادي في الضفة الغربية وقطاع غزة، ويفاقم من حدة الأزمة الاجتماعية التي يعيشها المواطن الفلسطيني.