لا صحة لما يُشاع عن فتح إسبانيا باب الهجرة للفلسطينيين
2:37 مساءً 08 تموز 2025

لا صحة لما يُشاع عن فتح إسبانيا باب الهجرة للفلسطينيين

اللجوء إلى إسبانيا: واقع قانوني معقد وواقع معيشي أكثر صعوبة || مراكز إيواء مزدحمة، فرص عمل شبه معدومة، وسوق سكن مغلق.. هذا ما ينتظر من يصدق الشائعة

الاقتصادي- حذر الصحفي الفلسطيني المقيم في إسبانيا، معاذ حامد، من انتشار شائعة تفيد بأن إسبانيا فتحت باب الهجرة للفلسطينيين، مؤكدًا أن هذه المعلومة غير صحيحة ولا تستند إلى أي أساس قانوني، وأن تداولها قد يعرّض المزيد من العائلات الفلسطينية لمصير مجهول في الشوارع الأوروبية.

وأوضح حامد، في منشور نشره على صفحته الشخصية، أن القانون الإسباني لا يتضمن ما يُعرف بنظام "الهجرة" كما هو معمول به في بعض الدول مثل الولايات المتحدة، بل يستند إلى منح إقامة قانونية طويلة الأمد قد تنتهي بالجنسية بعد سنوات، ضمن شروط مشددة. وأضاف أن ما يتيحه القانون الإسباني فعلًا هو منح الحماية الدولية والإنسانية أو السياسية لطالبي اللجوء القادمين من مناطق النزاع، وذلك ضمن اتفاقية جنيف، التي تعتبر جزءًا من التشريعات الأوروبية المشتركة.

لكن هذه الحماية لا تُمنح تلقائيا، ولا تعني أبدا فتح باب الهجرة. إذ يشترط أن يكون دخول طالب اللجوء إلى إسبانيا قد تم عبر تأشيرة صادرة عنها مباشرة، سواء سياحية أو دراسية، ليتمكن من تقديم طلب لجوء ومعالجته داخل الأراضي الإسبانية. وفي حال استوفت الشروط، تُمنح الإقامة القانونية بعد دراسة الملف، ويبدأ الشخص مسار الاندماج في المجتمع الإسباني.

ومع ذلك، فإن الواقع على الأرض أكثر تعقيدا. فوفقًا لما رصده حامد، فإن عددًا من العائلات الفلسطينية، لا سيما القادمة من الضفة الغربية، تعيش حاليًا في شوارع مدريد ومدن أخرى، بعد انتهاء مدة المساعدات المؤقتة المقدمة من الحكومة الإسبانية، والتي لا تتجاوز ستة أشهر.

وتتضمن هذه المساعدات الإقامة في مراكز جماعية للاجئين، لكن الأولوية فيها تُمنح للعائلات، فيما يُترك الأفراد تحت رحمة الانتظار، وسط ضغط هائل على النظام من موجات لجوء قادمة من أميركا اللاتينية.

ويروي حامد شهادات صادمة عن الظروف التي يعيشها بعض اللاجئين في هذه المراكز، حيث يتم إيواء العائلات في غرف مشتركة بلا أبواب أو مفاتيح، ويُجبر الجميع على استخدام حمامات جماعية تفتقر إلى الحد الأدنى من الخصوصية، في مشهد يصفه بـ"المذل" وغير الإنساني.

وأشار حامد إلى أن من يُمنح الحماية القانونية يُدمج في دورة للغة الإسبانية تستمر عدة أشهر، على أن يبدأ بعد ذلك رحلة البحث عن عمل، وهي مهمة شبه مستحيلة في ظل بطالة مرتفعة ووجود ملايين من الناطقين بالإسبانية من أميركا اللاتينية يتنافسون على فرص محدودة.

ويضيف أن من يجد عملًا يحصل غالبًا على راتب لا يتجاوز 1200 إلى 1300 يورو شهريًا، وهو دخل لا يكفي لتغطية إيجار السكن، في ظل أزمة إسكان حادة تجعل من الصعب جدًا العثور على شقة حتى لمن يملك وظيفة ثابتة.

ويؤكد أن من لا يمتلك مصدر دخل أو عملا ثابتا أو أموالا كافية للاستثمار، ففرصته في بناء حياة كريمة في إسبانيا ضعيفة جدا. ويستثني من ذلك من يعمل عبر الإنترنت ويتقاضى راتبا منتظما لا يقل عن 2000 يورو، أو من ينوي الدخول إلى السوق الإسباني كمستثمر، وهما الفئتان الوحيدتان اللتان يمكن وصف أوضاعهما بالمستقرة.

في سياق متصل، لفت حامد إلى خطأ قانوني يقع فيه البعض ممن يحصلون على تأشيرة شنغن من إسبانيا ويحاولون طلب اللجوء في دول أوروبية أخرى مثل ألمانيا أو بلجيكا. إذ ينص القانون الأوروبي (اتفاقية دبلن) على أن طلب اللجوء يجب أن يُقدم في أول دولة أوروبية دخل منها الشخص، وفي حال ثبت أن التأشيرة صادرة عن إسبانيا، تُعاد القضية إليها، وغالبًا ما يُعاد الشخص نفسه إليها، حتى دون جواز سفر.

وذكر مثالا حديثا لعائلة فلسطينية رُحّلت من ألمانيا إلى مدريد، رغم عدم امتلاكها جوازات سفر، لتجد نفسها دون مأوى وتنام في شوارع العاصمة الإسبانية، بعد أن رفضت السلطات الألمانية النظر في ملفها بسبب أن تأشيرتها الأولى كانت صادرة عن إسبانيا.

وختم الصحفي معاذ حامد المقيم في إسبانيا منذ سنوات حديثه بالتأكيد على أنه لا يلوم أحدا على محاولات الهجرة أو البحث عن حياة أفضل، لكنه يدعو إلى الوعي القانوني الكامل قبل اتخاذ أي قرار، والتأكد من الواقع الفعلي للدولة المقصودة، بدلا من الانسياق خلف الشائعات المنتشرة على منصات التواصل، والتي قد تكون ثمنها الوقوع في حياة التشرد والمهانة.

Loading...